أرهيت…….. الغصن الأخضر

المهندس عبدالرحمن كوشي

في صبيحة يوم الإثنين الأخير من العام ، وفي العام 2015م وبينما العالم الغربي يتهيأ لاستقبال أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة ، يمم وجهه شطر الشرق الأدنى ، وما أن حط رحاله في أرض النيليين، حتى توجه من فوره صوب أرض التاكا التي كانت  على موعد بمقدم مولود جديد إلى رحاب كسلا أرض الإشراق والوجد والبساطة.

كان حلمه كبيرا ، وأمنيته أن يغرس الفرحة ويرسم البسمة على محيا أهلنا في شرق السودان ، وأن يصافح بشعوره وأحاسيسه إنسانها   في القرى والبوادي ومعسكرات اللجوء وأطراف المدن.

وما أن تداعت له الاسباب والتف حوله لفيف من أهل الخبرة والدراية ، وشباب وهبوا أنفسهم لخدمة هذه الأمة، شرع في تأسيس منظمة أرهيت الخيرية ، الوليد الشرعي لمنظمة أرهيت التي تأسست في مطلع العام 2015 م في عاصمة الضباب (لندن).

.

.

ولدت منظمة أرهيت الخيرية ، رسول المحبة والإنسانية وهي تتدفق حيوية ونشاطا وعطاءا بلا حدود ، وكأنها ولدت بأسنانها ، فكانت سباقة في ميادين العمل الإنساني ، فسجلت حضورا أنيقا مميزا مما وضعها في مصاف المنظمات العاملة النشطة في شرق السودان  ونالت بذلك شرف الاشادة والاستحسان  من قبل مفوضية العون الإنساني (الجهة الرسمية المنظِّمة لعمل ونشاط المنظمات)، فقاسمت الفرحة والحبور أطفالنا وأمهاتنا وأباؤنا وإخواننا و أخواتنا في معسكرات اللجؤ في كل من معسكر ود شريفي ، ومعسكر الشجراب ، والأحياء الطرفية في كل من  ولايتي البحر الأحمر وكسلا ،ليس هذا فحسب ، بل كان لها  دورٌ رياديٌ في مشاركة حكومة ولاية كسلا ممثلة في حرس الحدود والشرطة المجتمعية ، إذ أقامت أرهيت  إفطارات جماعية في رمضان الفائت  في كل من قرية عوّاض قرب الحدود الإرترية السودانية ، وقرية اللفة والقرى

المجاورة لمعسكر ودشريفي في ظاهرة غير مسبوقة ، فكان لها صدى عميق وأثر طيب.

ولاسيما أن  إسم أرهيت له وقع خاص في النفس وموسيقى عذبة في الأذن ، والكل يردد هذا الاسم بدهشة مصحوبة بالإعجاب ، وكأنهم على عهد قديم مع هذه المنظمة الوليدة.

.

.

من وحي …. المعسكرات: (معسكر ود شريفي العتيق): 

انطلقت بنا السيارة في صبيحة عيد الأضحي من العام الماضي ، وهي تسارع الخطى حتى أدركنا صلاة العيد بشق الأنفس وكادت أن تفوتنا الصلاة.

تقع قرية ودشريفي جنوب شرق مدينة كسلا ،حيث ترتمي خلف جبل توتيل بتلاله المشرئبة ،وأحضان نهر القاش من الناحية الغربية وخور أبوعلقة من الناحية الشرقية،،وتحفها أشجار الموز وغابة البان بأشجارها الباسقة الوريفة، وعلى مقربة من الطريق المؤدي إلى جبل قلسة يقع معسكر ود شريفي الكبير ، بدأنا يومنا في هذا المعسكر بحضور صلاة العيد في فناء واسع أمه كثير من الناس ، أطفال ونساء وكهول وشيوخ في لوحة يغلب عليها البياض رمز السلام والمحبة والتسامح في يوم التسامح في عيد الاضحي المبارك ، وما أن فرغ المصلون من أداء صلاة العيد، عانق المصلون بعضهم البعض وتبادلوا التحايا العطرة بنفوس صافية يملؤها الفرح والسرور ،بينما النساء ترسل الزغاريد مرة تلو الأخرى ،إيذانا بحلول العيد المبارك ، توجهت أرهيت وفريقها العامل إلى قلب المعسكر وقدمت  الأضاحي إلى أهل المعسكر ، وقوبل هذا الصنيع بفرحة عارمة في اوساط أهلنا في المعسكر  والكل عبر عن  امتنانه وشكره ، وتم توزيع الأضاحي في جو كان يسوده النظام والمحبة والوئام ، مما يسر مهامنا ،

وأدينا رسالتنا بكل أمن وأمان .

.

.

شخصية فريدة :……. رجل أرهيت الاول

 إنه الرجل القامة ، مهما قلنا فيه فشهادتنا فيه مجروحة ،رجل وهب وقته وماله وفكره ولم يدخر وسعا الا وقدمه في طبق من ذهب في سبيل إنجاح العمل الإنساني ،مؤسس منظمة أرهيت الخيرية ، وراعي العمل الإنساني الدكتور : علي محمد  إسماعيل، المدير التنفيذي لمنظمة أرهيت الخيرية الذي لم يهنأ له بال  حتى يرتمي في أحضان اليتامى ويقبل محراب المساكين المقدس ويلامس عفة الفقراء ويكفكف دمعة الأرامل ويدخل الفرحة والسرور في قلوب الثكالى  وربات البيوت ويرسم البسمة في وجوه الاطفال .

أرهيت …وزهرة اللوتس (رحاب أولى شهادة  الأساس )

.

هذا ما حققته الطالبة رحاب ذات الثلاثة عشر ربيعا ، عندما أحرزت المرتبة الأولى في امتحان شهادة الأساس للعام الفائت على مستوى ولاية كسلا . تنتمي رحاب  إلى أسرة فقيرة ، وكانت تقطن وسط أرقي أحياء المدينة ألا وهو حي المرغنية العريق ، في كوخ صغير من القش والآجر حيث لا صنبور ماء ولا كهرباء ،وكان خير معين لها وأنيسها عمود الإنارة الذي كان يطل على كوخهم الصغير ، فتجلس تحت العمود وتطالع دروسها غير  آبهة بالفقر والحرمان ، فكان لأرهيت شرف اللقاء بها عقب إعلان النتيجة.

الطريق  إلى ……. معسكر الشجراب

في صبيحة يوم الثلاثاء من العام الفائت ونحن مقبلون على خير الشهور توجهت بنا العربة صوب معسكر الشجراب وهي محملة بالمواد الغذائية ( سلة الصائم) في رحلة قاسية استغرقت زهاء  الثلاث ساعات ، والشمس ترسل أشعتها الذهبية ممزوجة بالغبار العالق في الهواء،كان الجو حاراً جداً والطريق أشد وعورة ،قاحل بلا شجرو لا ثمر ،والعربة تعدو بنا وهي تشق عباب الغبار في إصرار وعزيمة لبلوغ الهد ف ومعانقة مئتان وخمسة وعشرون أسرة فقيرة على امتداد المعسكر.

تتألف فسيفساء معسكر الشجراب من ثلاث معسكرات هي: المعسكر الجنوبي والشمالي والأوسط ،تفصل بينها مساحات  شاسعة من اليابسة أشبه ما تكون بالجزر المعزولة.

الشاي ….. والقهوة  ( لاغنى عنهما مهما ضاقت الظروف )

.

.

قهوة في الهواء الطلق حيث لا مقاعد ولا طاولات ولا زبائن … ولكن لسان حاله يتمثل هذا البيت

قد طال عزكم وذلي في الهواء       ومن العجائب عزكم وتذللي

لاتسقني ماء الحياة  بذلة ….        بل اسقني بالعز كأس الحنظل

ماء الحياة بذلة كجهنم —             وجهنم بالعز أطيب منزل .

أرهيت ….. وقلعة العلم الشامخة (مدرسة النضال)…….

شرعت جبهة التحرير الارترية في العام 1972م ، بعد تزايد موجات النزوح الجماعي واللجوء نحو السودان بحثا عن ملاذ آمن ، من جراء الحروب وحملات  الإبادة الجماعية التي قام بها  نظام هيلي سلاسي الغاشم ،إبان الاستعمار الإثيوبي ،شرعت في تأسيس صرح ينهل منه الشعب  الإرتري بمختلف أعماره وفئاته العلم وقبل العلم أخلاق ، حينها كانت تستوعب المدرسة الاطفال الذين تقطعت بهم السبل من جراء الحرب الجائرة ، والفاقد التربوي والمرأة والعمال ، وبمرور الوقت أضحت اليوم منارة للعلم لاتخطئها العين .

أرهيت كان لها شرف إعادة تأهيل المدرسة في مطلع العام الدراسي الفائت

.

عن المحرر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *